Title | : | في الشعر الجاهلي |
Author | : | |
Rating | : | |
ISBN | : | 9776174191 |
Language | : | Arabic |
Format Type | : | Paperback |
Number of Pages | : | 292 |
Publication | : | First published January 1, 1926 |
في الشعر الجاهلي Reviews
-
لفترة طويلة ظل هذا الكتاب ممنوعا فى المكتبات الى ان وصلتنى نسخته الإلكترونية منذ بضع سنوات فما وجدت فيه شيئا يستحق المنع. ان هو الا الفكر النقدى العلمى الذى عودنا عليه طه حسين
يقول خالد غزال في مقال متميز بمدونة ابن خلدونعمد طه حسين إلى قراءة متجددة للتراث الإسلامي العربي وسعى بجرأة إلى إخراجه من الحيز اللاهوتي الذي كان هذا التراث أسيره بما يمنع نقده ومساءلته، وإخضاعه إلى القراءة التاريخية بما يسمح رؤيته انطلاقا من الحاضر، وبما لا يترك أي مجال خارج النقد والتحليل الموضوعي. أما الجديد غير التقليديّ الذي أتى به طه حسين وطبقه في قراءته المتعددة على التراث، فهو استخدام "منهجية الشك" في ما كان يعتبر من المسلمات التاريخية والحقائق الثابتة والتي وجدت أوضح صورها في كتابه الإشكالي :" في الشعر الجاهلي" حيث يقول :"نعم يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا وكل مشخصاتها، وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به، وأن ننسى ما يضادّ هذه القومية، وما يضادّ هذا الدين، يجب أن لا نتقيد بشيء ولا نذعن لشيء إلاّ مناهج البحث العلمي الصحيح" (ص393). ويتابع طه حسين شرحه لمنهجه الجديد فيقول :"وليس حظ هذا المذهب منتهيا عند هذا الحد، بل هو يجاوزه إلى حدود أخرى أبعد منه مدى وأعظم أثرا. فهم قد ينتهون إلى تغيير التاريخ أو ما أتفق الناس على انه تاريخ. وهم قد ينتهون إلى الشك في أشياء لم يكن يباح الشك فيها." قاده هذا المنهج في التطبيق إلى نسف بديهيات موروثة خصوصا في النص الديني حيث يقول :"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل وإبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها".(من كتاب في الشعر الجاهلي، ص399).
انتهى كلام خالد غزال و هذا رابط المقال لمن أراد المزيد
تطبيقا لمنهجه، دعا طه حسين إلى اعتماد القرآن نقطة انطلاق التاريخ العربي في جميع وجوهه التاريخية والأدبية والسياسيّة، ومن أجل ذلك يجب قراءة مراحل التاريخ السابق للإسلام أي ما يتعارف عليه بالجاهلية، قراءته من خلال القرآن وليس عبر نتاج هذه المرحلة خصوصا منها الشعر الجاهلي. وصل به البحث في هذا المجال إلى الشك في ما هو سائد من مفاهيم حول الحياة الجاهلية، وصولا إلى التشكيك في وجود هذا الشعر أصلا. قادت أبحاث طه حسين في الشعر الجاهلي إلى القول إن التعمق في دراسة حياة قريش في الجاهلية تظهر أن حياة دينية حقيقية كانت تمارسها وتفرض قواعدها من خلالها، وهذه الحياة الدينية تفسر الأسباب التي جعلتها تتصدى لدعوة محمد التي كانت تراها وسيلة تدمير وإلغاء حياتها الدينية، ويصل طه حسين من ذلك للقول بان هذه الحياة لا يمكن العثور عليها او تبينها من خلال الشعر الجاهلي:"ليس هذا الشعر الذي ثبت أنه لا يمثل حياة العرب الجاهليين ولا عقليتهم ولا دياناتهم بل لا يمثل لغتهم ، أليس هذا الشعر قد وضع وضعا، وحمل على أصحابه حملا بعد الإسلام؟ أما أنا فلا أكاد أشك الآن في هذا"
http://www.ebn-khaldoun.com/article_d...
كان هذا الكتاب الجرىء بعد سنة واحدة من كتاب
الإسلام و أصول الحكم الذى أقام الدنيا و ما كاد أن يقعدها حتى أقامها طه حسين مرة أخرى و لا يبدو لها قعود حتى يومنا هذا
-
في الشعر الجاهلي الكتاب الذي أحدث ضجة واسعة النطاق و سُحب من الأسواق عند صدوره و كان السبب في فصل طه حسين من الجامعة كرئيس لكلية الأداب و إحالته للتحقيق...
في هذا الكتاب يعرض طه حسين وجهة نظره عن الشعر الجاهلي الذي يري إنه منحول و كُتب بعد ظهور الإسلام ونُسب للشعراء الجاهليين و أعتمد في بحثه علي مبدأ ديكارت الفلسفي علماً بأن القاعدة الأساسية لهذا المنهج هي أن يتجرّد الباحث من كلّ شيء كان يعلمه من قبل....
"يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربيّ وتاريخه أن ننسى قوميّتنا وكل مشخّصاتها، وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به ...يجب ألّا نتقيّد بشيء ولا نذعن لشيء إلّا مناهج البحث العلمي الصحيح..."
يثبت طه حسين بالحجج والبراهين إن الشعر، الذي يسمونه الجاهليّ، لا يمثّل اللغة الجاهليّة، ولا يمكن أن يكون صحيحاً لأسباب تتصل بظروف سياسية،دينية أو حتي فنية..
أشار طه حسين في الكتاب أيضاً الي العديد من الشعراء مثل امرىء القيس وعبيد وعلقم و وضح في فصل مهم إن الصحيح من شعرهم لا يكاد يذكر وأن الكثرة المطلقة من شعرهم مصنوعة...
الغرض من الكتاب واضح وهو شرْح رأيه في طريقة دارسة الشعر الجاهلي ودة طبعاً ممكن يكون أدي إلي هدم بعض قواعد الأدب العربي و ممكن البعض يفهمه علي إنه مش بس بيشكك في الشعر الجاهلي ولكنه يشكك أيضاً في القرآن الكريم علي الرغم إنه أشار العديد من المرات في الكتاب إن نص القرآن ثابت و هو أصدق مرآة للحياة الجاهلية...
الناس دايماً بتفضل تمشي جنب الحيط و بيطمنوا بس إلي ما قال القدماء و مش عاوزين يتعبوا نفسهم ولذلك أي حد يبحث و يشك في أشياء لم يكن يباح الشك فيها الطبيعي إنه لازم يتهاجم..
كتاب مهم وبالتأكيد يستحق القراءة...
محتاجين زي طه حسين كتير والله.. -
كتاب في الشعر الجاهلي :
طه حسين من الكتاب الذين أستطيع أن أقول فيه (وجهة نظري) أنه رجل معرفة ليس أحد الذين يسعون فقط لإثارة الرأى العام. منهجيته الأكاديمية والأهم مخزونه المعرفي الهائل وتعمقه في التراث – الكلاسيكيات – والنتاج الغربي ومقارنة كل ذلك بالإَافة – وهنا الجوهر – دراسته الأولى الأرهرية وللثقافة الدينة قبل خروجه لفرنسا (1914م) كل هذا يجعل من طه حسين عندي ليس أحد الذين يسعون فقط لإحداث بلبلة في الرأى العام بإطروحاته. الحرية عنده كانت حرية مطلقة..
يقول : "الحرية الحقيقية تحتمل إبداء كل رأي ونشر كل مذهب، وترويج كل فكر. في البلاد الحرة قد يجاهر الإنسان بأن لا وطن له. ويكفر بالله ورسله ويطعن على شرائع قومه وآدابهم وعاداتهم، ويهزأ بالمبادئ التي تقوم عليها حياتهم العاذلية والاجتماعية. يقول ويكتب ما يشاء الله في ذلك، ولا يفكر أحد ولو كان من ألذ خصومه في الرأى، أن ينقض شيئًا من احترامه لشخصهو متى كان قوله صادرًا عن نية حسنةو واعتقاد صحيح. كم يمر علي مصر قبل أن تبلغ هذه الدرجة من الحرية؟!” هذا اقتباس بالنص لنظرة د. طه حسين للحرية..
عندما أصدر (طه حسين) في الشعر الجاهلي (1344هـ/ 1936م) كاد هذا الكتاب أن يودي بحرية المؤلف بل أوصله لأقسام الشرطة وبعد أن حاول جاهدًا إيضاح وجهة نظرة التي لن تجدي أعتذر طه حسين ولم يطبع الكتاب من جديد إلا بسرية تامة على فترات متباعدة. حيث أعتقد أن الكتاب كان يصور بنفس الطبعة القديمة دون إضافة رقم الطبعة خصوصًا وأن طه حسين أنكر بعص قصص القرآن وهذا تجاوز على الذات السماوية حيث ناقش في كتابه الذي يعد أخطر كتاب له.
* إبرز ما وجدته في الكتاب من سلبي أو إيجابي
التشكيك في (بعض) قصص القرآن بنكرانه لقصة إبراهيم وولده عليهما السلام، ؤأنها "حادثة لا يعول عليها التاريخ ولا يمكن التسليم بها، وإنما هي حادثة روجها المسلمون لسبب مخصوص، هو سبب سياسي أكثر منه ديني” (i) فهذه نظرته لهذه النقطة.
نكران إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كحقيقة مطلقة في القرآن والتوراة وليس هما بما يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، وهجرته لمكة (ii).
نكران بناء الكعبة من قبل إبراهيم وإبنه.
مسألة القراءات السبع للقرآن لم تنزل.
وجود سابقة للإسلام في البلاد العربية.
نفي نسب الرسول محمد لأشراف قريش.
وصفه لبعض القصص في القرآن بالأُسطورة، وبعض القصص التاريخي بنفس الوصف(iii).
إعتماد طه حسين منهج ديكارت القائم على الشك، وأنا هنا لا أعيب على المنهج. بقد الغرق في منهجية الشك وإلا فأصل الشك عندي مهم لمادة البحث بطريقة علمية لكن ماذا عن المسلمات عندي أنا كمسلم تلك التي أجدها منصوصة في القرآن.. هل أشك فيها كذلك!!.
أخذ طه حسين عن المبشر الإنجليزي (جرجيس صال - سيل) كل ما كتبه هو في (الشعر الجاهلي) عن إبراهيم وإسماعيل دون جهد منه ولا أسبقية.
نكرانه لمعظم الشعر الجاهلي والقول بأنه منحول أي تم تأليفه بعد وفاة الشاعر الجاهلي (وهذه نقطة من ناحية منهجية لابأس أن تطرح وفقًا لما لديه من منهج) وهى ليس بأمر يصل لمستوى المقدس.
(iv)
الكثير من قضايا (في الشعر الجاهلي) مصدرها دراسات المستشرق الغربي (مرجليوث) وقد نسب الكثير منها طه حسين دون إثبات ذلك عندما أصدر الأول (أصول الشعر العربي) عام1911م، وهذا من قال يتطور الشعر الجاهلي ليتحول إلى نصوص في كتبه عند العرب هو القرآن. ذلك لأنه مجرد مستشرق يفتقر لأدبيات النقد وهو حاقد فقط على محمد والرسالة السماوية ومثله الكثير من المستشرقين وكذلك ع��سه الكثير والحمد لله.
مسألة دراسة نحول الشعر مسألة قديمة منذ عهد ابن سلام الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء لكنه لم ينكر الشعر الجاهلي جملة وتفصيلا بل سعى لتخليص الروايات مما نسب إليها، وكذلك فعل الضبي في كتابه الجميل (المفضليات) عندما تعرض للرواية الشهير (حماد) وقيامه بمسألة نحل الشعر.
أخيرًا هذا من أكثف كتب طه حسين نرجسية وإعتداد بالنفس. لقد وهم في الكتاب أن يسيزل الغشاوة وسيأتي بكل جديد وسيبرهن بما هو لن يسيقه له أحد من قبل، وهذه مما تعاب على الكاتب مهما كان كتابه يزخر بنظريات حقيقية.
لا أعلم الغيب لكن أظن والله أعلم أن طه حسين في كتابه هذا أراد مناقشة بعض الكتابات في الثراث التاريخي والإسلامي وهو كغيره يصيب ويخطئ.
لابأس من الإختلاف مع الكاتب لكن دون رميه بالكفر مثلما حدث معه خلال سنتي (1626 – 1927م).
أهتم من تولي الرد على طه حسين بنحول الشعر كناحية علمية أدبية وعن (تجاوزاته) على القرآن رد عليها قلة بعد أن تراجع عنها فقط ليتجنب القضايا التي رفعت ضده.
جميع أفكار الكتاب في الأصل تقوم على قضية واحدة هى الأصل عنده وهى مسأة نحول الشعر الجاهلي وعدم التسليم له. -
كم مرة قرأت في العديد من الكتب المدرسية أو غير المدرسية أو الصحف أو الإنترنت أو أي مصدر آخر:
قال الشاعر، قالت العرب، قالوا قديماً، أصاب حين قال، ويخبرنا بيت الشعر، وإلخ
وكم مرة صادفت بيت شعر نُسب لأكثر من شاعر، وحين أردت البحث والتأكد من القائل، تخبطت بشدة من قلة المصادر وتشتتها!
وأذكر هنا كتاباً درسته في المرحلة الثانوية كان اسمه قضايا أدبية وكان الفصل الأول منه يتناول موضوع الشعر الجاهلي.. حيث يقول الكتاب: بأن الجاهليين أمة بدوية، تروح وترتحل، تعيش في بيئات موحشة وقاسية، بعيدة عن الحضارة والتمدن، بلغة صعبة قاسية وكلمات لا تُفهم إلا بمساعدة المعاجم!
وقد ورد اسم هذا الكتاب (في الشعر الجاهلي) لطه حسين في كتب النقد الأخرى التي درسانها أيضاً في المدرسة، وقررت حينذاك أن اقرأه، ولم تحين لي الفرصة إلا هذه الأيام بعد مرور 6-7 سنوات من دراستي لتلك الكتب كمقررات دراسية.
أتفق مع الاستاذ الدكتور في العديد من النقاط، ولقد أقنعني بشدة خصوصاً في فصل الشعر والشعراء حول تخبط مصادر نسبة الشعراء، كإمرء القيس الكندي، وعمرو بن كلثوم التغلبي، والحارث بن حلزة، وعبيد بن الأبرص ومهلهل بن ربيعة وغيرهم...
وأتفق معه أيضاً بما أوره بخصوص أن الجاهليين كانوا أمة متحضرة، لها رحلة اليمن والشام (رحلة الشتاء والصيف) أمة مطلعة على باقي الأمم المجاورة، على مستوى عال من الرقي، وكانت مكة مركز ديني تجاري استراتيجي في تلك الفترات، وأن القرآن الكريم نزل في أمة متحضرة ذات فكر وعقل ولسان، وليس في أمة همجية تعيش منعزلة وسط الصحراء.
وأتفق معه أيضاً في أسباب انتحال الشعر التي أوردها، وبالأخص الأسباب السياسية، والشعوبية، والرواة والقصص.
كان الاستاذ الدكتور طه حسين شجاعاً جريئاً مقداماً في طرح هذه الأفكار الخطيرة التي ربما تغير خارطة تاريخ الأدب العربي، واختار الطريق الأصعب -طريق العقل والمنطق- لمحاولة إثبات وإنارة الطريق للباحثين من بعده عن تاريخ الشعر الجاهلي وصحته. لكن من هو ذاك الذي يطرق موضوعاً شائكاً في عالمنا العربي وينجو من الاغتيال أو النفي أو الاتهام بالكفر والزندقة! وهذا ما حصل مع طه حسين حيث رفعت دعوى عليه بسبب هذا الكتاب! قالبؤس كل البؤس على حالنا!
"فلندع لوم القدماء على ما تأثروا به في حياتهم العلمية مما أفسد عليهم العلم. ولنجتهد في ألا نتأثر كما تأثروا وفي ألا نفسد العلم كما أفسدوه. لنجتهد في أن ندرس الأدب العربي غير حافلين بتمجيد العرب أو الغض منهم، ولا مكترثين بنصر الإسلام أو النعي عليه، ولا معنيين بالملاءمة بينه وبين نتائج البحث العلمي والأدبي، ولا وجلين حين ينتهي بنا هذا البحث إلا ما تأباه القومية أو تنفر منه الأهواء السياسية أو تكرهه العاطفة الدينية. فإن نحن حررنا أنفسنا إلى هذا الحد فليس من شك في أننا سنصل ببحثنا العلمي إلى نتائج لم يصل إلى مثلها القدماء. وليس من شك في أننا سنلتقي أصدقاء سواء اتفقنا في الرأي أو اختلفنا فيه. فما كان اختلاف الرأي في العلم سببا من أسباب البغض؛ إنما الأهواء والعواطف هي التي تنتهي بالناس إلى ما يفسد عليهم الحياة من البغض والعداء". -
ما أجملك يا حُسين!
لقد وجدتُ أثناء قراءتي لهذا الكتاب شبَهاً كبيراً بين شخصيّتَي طه حسين، و تشارلز داروين.
كلاهُما يملك ذلك الأسلوب الراقي الذي يحترم آراء وانتقادات المخالفين. وأيضاً يعترف بفضل الآخر ويذكُر فضل السَّبق لهُم فيما قدّموه – تماماً كما فعل حُسين مع الرافعي عندما ذكَرهُ في الكتاب واعترف بسَبقِهِ في موضوع تأثير القصص في انتحال الشعر الجاهلي.
هذه هي أخلاق العلماء. بينما للأسف لا نرى هذه الأخلاق الرفيعة عند الرافعي!! فعندما اختلف مع حسين، جرَّحهُ وانتقده بشكل غير لائق، متّهماً نواياه ودينه. وهذا أيضاً حدث مع داروين في مقابل مخالفيه.
قضيَّة الشعر الجاهلي هي قضيّة تستحق البحث، وقد كان لحسين فضل تحريك المياه الراكدة في هذا الباب. وقد كان يستحق أن يُثنى عليه، رغم الخلاف، لا أن تُرفَعَ ضدّه الدعاوى وأن يُمارس ضده الإرهاب الفكري والديني الذي دمّرنا ودمّر حيادَنا العلميّ.
هُنالِك الكثير من الاقتباسات في الكتاب أعجبتني جداً جداً. أختم المراجعة ببعضها:
1) "نعم ! يجب حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا وكل مشخصاتها ، وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به ، وأن ننسى ما يضاد هذه القومية وما يضاد هذا الدين ؛ يجب ألا نتقيد بشيء ولا نذعن لشيء إلا مناهج البحث العلمي الصحيح "
2) "كان القدماء مسلمين مخلصين في حب الإسلام ، فأخضعوا كل شيء لهذا الإسلام وحبهم إياه ، ولم يعرضوا لمبحث علمي ولا لفصل من فصول الأدب أو لون من ألوان الفن إلا من حيث أنه يؤيد الإسلام ويعزه ويعلي كلمته . فما لاءم مذهبهم هذا أخذوه ، وما نافره انصرفوا عنه انصرافا . أو كان القدماء غير المسلمين : يهوداً أو نصارى أو مجوسا أو ملحدين أو مسلمين في قلوبهم مرض وفي نفوسهم زيغ ، فتأثروا في حياتهم العلمية بمثل ما تأثر به المسلمون الصادقون : تعصبوا على الإسلام ونحوا في بحثهم العلمي نحو الغض منه والتصغير من شأنه ، فظلموا أنفسهم وظلموا الإسلام وأفسدوا العلم وجنوا على الأجيال المقبلة . ولو أن القدماء استطاعوا أن يفرقوا بين عقولهم وقلوبهم وأن يتناولوا العلم على نحو ما يتناوله المحدثون لا يتأثرون في ذلك بقومية ولا عصبية ولا دين ولا ما يتصل بهذا كله من الأهواء ، لتركوا لنا أدبا غير الأدب الذي نجده بين أيدينا ، ولأراحونا من هذا العناء الذي نتكلفه الآن"
3) "فلندع لوم القدماء على ما تأثروا به في حياتهم العلمية مما أفسد عليهم العلم . ولنجتهد في ألا نتأثر كما تأثروا وفي ألا نفسد العلم كما أفسدوه . لنجتهد في أن ندرس الأدب العربي غير حافلين بتمجيد العرب أو الغض منهم ، ولا مكترثين بنصر الإسلام أو النعي عليه ، ولا معنيين بالملاءمة بينه وبين نتائج البحث العلمي والأدبي ، ولا وجلين حين ينتهي بنا هذا البحث إلا ما تأباه القومية أو تنفر منه الأهواء السياسية أو تكرهه العاطفة الدينية . فإن نحن حررنا أنفسنا إلى هذا الحد فليس من شك في أننا سنصل ببحثنا العلمي إلى نتائج لم يصل إلى مثلها القدماء . وليس من شك في أننا سنلتقي أصدقاء سواء اتفقنا في الرأي أو اختلفنا فيه . فما كان اختلاف الرأي في العلم سببا من أسباب البغض ؛ إنما الأهواء والعواطف هي التي تنتهي بالناس إلى ما يفسد عليهم الحياة من البغض والعداء".
أنصح بهذا الكتاب الجميل، وأنصح أيضاً بقراءة الردود عليه .. ثم بناء رأي في قضية الشعر الجاهلي.
هذا ما سأفعله قريباً جداً. -
« في الشعر الجاهلي » الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة جدًا و كُتبت مؤلفات كثيرة للرد عليه .. كتاب « في الشعر الجاهلي » كتاب إشكالي وكان عبارة عن محاضرات تُلقى على الطلاب وقد تم جمع هذه المحاضرات في هذا الكتاب .. و أنا على مبدأ " ما لا يُدرك كله لا يُترك جله " سأحاول بيان بعض الإشكاليات التي وقع فيها طه حسين في كتابه هذا .. ولكن هذا لا يعني أن كل كلامه خاطئ وإنما هناك مواضع تستوجب النقاش !
أولًا : يجب علينا دراسة المؤثرات التي ساهمت في التأثير على طه حسين فعمد إلى التشكيك بالشعر الجاهلي :
١- مؤثر استشراقي وذلك أن المستشرقين قد تناولوا مسألة النحل والانتحال في الأدب الجاهلي مثل : " هاملتون جب " في كتبهم
٢- تحدث عن فكرة طه حسين هذه قبله نقاد عرب قدماء أمثال ابن سلام الجمحي في كتاب " طبقات فحول الشعراء " وكذلك أبي الفرج الأصفهاني في كتاب " الأغاني "
٣- مؤثر تراثي و تقليدي قائم من خلال دراسة طه حسين في جامع الأزهر
* استخدم طه حسين منهج ديكارت في كتابه هذا ومنهج ديكارت قائم على مبدأ الشك ثم التوصل للحقيقة أما طه حسين بدأ بشك و أنتهى بشك
قام طه حسين بالتشكيك في قيمة الشعر الجاهلي والإلحاح على هذا الشك وهو يرى أن ما نسميه بالشعر الجاهلي الآن ليس من الجاهلية في شيء وإنما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين أكثر من حياة الجاهليين / والنحل والانتحال بمعنى الطمس والتزييف ونسب الكلام للغير
هناك عوامل شكك من خلالها طه حسين بالشعر الجاهلي :
١- قضية اللغة واللهجات : ( المعلقات العشر أو السبع ) ففي مسألة اللغة ينقسم العرب إلى قسمين :
( قحطانية ) وأصولهم من اليمن وهم عرب بالفطرة فهم " العاربة "
( عدنانية ) وهؤلاء سكنوا الحجاز وقد اكتسبوا اللغة العربية فيطلق عليهم " المستعربة " لأن اللغة العربية ليست لغتهم الأم
أما بالنسبة إلى مسألة اللهجات فالرواة مُجمعون أن قبائل عدنان لم تكن متحدة اللغة ولا متفقة اللهجة ( ربيعة ، قيس ، تميم ) فمن الطبيعي أن تختلف لغات العرب العدنانية وتتباين لهجاتهم قبل ظهور الإسلام .. وهذا سيظهر في كلامهم فضلًا عن شعرهم ولكن إذا جئنا للمعلقات التي يتخذها أنصار الشعر القديم نموذجًا للشعر الجاهلي الصحيح سترى أن فيها " لامرئ القيس " وهو من " كندة " أي من قبيلة " قحطان " وأخرى " لزهير " وأخرى " لعنترة " وثالثة " للبيد " وكلهم من قبيلة قيس ثم قصيدة " لطرفة " وقصيدة " لعمرو بن كلثوم " و أخرى " للحارث بن حلزة " وكلهم من ربيعة وعندما تقرأ هذه القصائد السبع لا تجد فيها اختلافًا في اللهجة أو تباعدًا في اللغة ، البحر العروضي هو هو وقواعد القافية هي هي والألفاظ المستعملة في معانيها كما نجدها عند شعراء المسلمين
٢- الدين والسياسة : بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة حدثت خصومة بين مكة والمدينة هذه الخصومة سرعان ما جاءت بالسيوف والدم في غزوة بدر وثم خصومة بالشعر كلٌ يهجي الآخر فكانت قريش تهجي النبي والأنصار وأصحابه وكان الأنصار يدافعون عن النبي ضد قريش وهم من قريش ، فلما تعاضهت قريش كان شعرها قليل في الجاهلية فاستكثرت منه في الاسلام ووضعوا عليها أشعارًا كثيرة ولعل أكثر ما كان هو الذي تهجي فيه الأنصار
٣- القصص : وهو فن من فنون الأدب العربي نرى مثلًا في ألف ليلة وليلة وقصص عنترة وما يشبهها لا يمكن الاستغناء عن الشعر وكل موقف قيم أو ذي خطر من مواقف هذه القصص لا يستقيم لكاتبه وسامعه إلا إذا أُضيف إليه قدر من الشعر فهؤلاء القصاص يستعينون بأفراد يجمعون لهم الأحاديث والأخبار ويلفقونها وآخرين ينظمون لهم الشعر
٤- الرواة : وكان بعض الرواة أمثال حماد الرواية وهو من أهل الكوفة و خلف الأحمر وهو من أهل البصرة من أوائل الذين جمعوا الأدب والشعر وكانوا غير موثوقين فكانوا يصنعون الشعر وينسبونه إلى كبار الشعراء ، فما وصلنا إنما هو من عهد التدوين الأكبر وذلك في مطلع العصر العباسي
٥- الشعوبية : وهي فئة تبغض العرب قامت بانتحال الأشعار ومن أمثالها أبو عبيدة معمر ابن المثنى
والكثير من العوامل منها : التعصب والحمية القبلية .. إلخ
و مما قام به طه حسين هو التشكيك ببعض شعراء الجاهليين مثل : شخصية امرئ القيس ، فيرى طه حسين أن هذه الشخصية مختلقة ومزيفة و مأخوذة من حياة " عبد الرحمن بن الأشعث الكندي " من سلالة الملوك فقصته مشابهة لهذه الشخصية ، وقد ذُكر في سيرة امرئ القيس أنه كان ملكًا ابن ملك
هذا ملخص لكتاب طه حسين وأطروحته ، ومثل ما قلت هناك بعض الإشكاليات التي وقع فيها طه حسين :
أولًا : يقول طه حسين ص24 : ( يجب علينا حين نستقبل البحث عن الأدب العربي وتاريخه أن ننسى قوميتنا وكل مشخصاتها وأن ننسى ديننا وكل ما يتصل به )
أقول : هذه العبارة بحد ذاتها مشكلة كبيرة فهو يطلب منا التحرر والتخلي عن كل معارفنا السابقة عند استقبال البحث العلمي وأن القناعات السابقة تؤثر على البحث وفي الأصل أن التخلي عن كل المعارف والثوابت يضر بالبحث العلمي ، فالبحث العلمي قائم على قواعد وأسس تعتمد بشكل أساسي على خبرات سابقة
ثانيًا : يقول ص 38 : ( للتوراة أن تحدثنا عن ابراهيم وإسماعيل ، وللقرآن أن يحدثنا عنهما ايضاً ، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة اسماعيل بن ابراهيم الى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها ونحن مضطرون الى أن نرى فى هذه القصة نوعاً من الحيلة فى إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة ، وبين الاسلام واليهود والقرآن والتوراة من جهة اخرى )
وأقول : هذا طعن واضح بالقرآن ومصداقيته ، فطه حسين هنا يعتقد أن قصة إبراهيم وإسماعيل ما هي إلا حيلة سياسية من الإسلام للتقرب من الطائفة اليهودية وحتى يشعر اليهود أن هناك تقارب روحي وفكري بين الدينين
ثالثًا : حاول طه حسين أن يشكك في انتحال الشعر الجاهلي ، أي أن النصوص الشعرية التي نقلت لنا من عصر الجاهلية كنصوص المعلقات و شعراء الصعاليك لا وجود لها في الحقيقة إنما تم تأليفها وإنتحالها من قبل الرواة في القرن الثاني الهجري
أقول : هذا الرأي من قبل طه حسين لم يكن قد توصل إليه بنفسه ففي الواقع هو مجرد ناقل لما قاله أستاذه الفرنسي المستشرق مارجل يوث حيث ترجم مقاله كما هو و بدأ يبني عليها دلائله وأفكاره ، ومن الواضح لأي قارئ تأثر طه حسين بالأدب الفرنسي ، فيقول طه حسين : ( تسألني عن الفرق بين الأدب العربي و الأدب الفرنسي ، فإني في ذلك لا أختلف عن المستشرقين الذين بحثوا هذا الموضوع، وهو في الواقع فرق ما بين العقل السامي و العقل الآري، فالأدب العربي سطحي و يقتنع بالظاهر و الأدب الفرنسي عميق دائم التغلغل و في الأدب الفرنسي وضوح و تحديد لا وجود لهما في الأدب العربي )
رابعًا : من كلام طه حسين نتوصل في النهاية إلى أن الشعر الجاهلي غير موجود وغير صحيح ، فهو لا يتصور أن العرب كانوا بمستوى الفصاحة والبلاغة المشهور عنهم
أقول : هذا طعن غير مباشر بالقرآن لأن تشكيكك بعدم وجود فصاحة وبلاغة عند الجاهليين تشكيك بمصداقية القرآن ، لماذا ؟ لأن القرآن قد بيّن لنا أن الله سبحانه وتعالى قد تحدى المشركين بأن يأتوا بآية مثل آيات القرآن الكريم وعجزوا عن ذلك ، والأصل في التحدي أن يكون المتحدى على مستوى مقبول حتى يُسمى تحدي ، فكيف الله سبحانه وتعالى يتحدى شخصًا جاهل ولا يجيد ذلك ! بل كانوا على مستوى كبير من الفصاحة والبلاغة وإلا لما تحداهم الله بهذا التحدي !
خامسًا : على الرغم من تأكيد طه حسين أن يتحرر الإنسان من معارفه ثم يُعيد البحث والنظر ليصل إلى النتيجة النهائية .. إنه مع ذلك كثيرًا ما يضع النتائج قبل المقدمات المنطقية وقبل البحث كما فعل في مسألة الانتحال و أتى بالنتيجة الكلية قبل أن يأتي بالنتائج الجزئية ، فيقول ص 19 : ( و أول شيء أفجؤك به في هذا الحديث هو أنني شككت في قيمة الشعر الجاهلي وألححت في الشك ، أو قل ألح على الشك فأخذت أبحث و أفكر و أقرأ و أتدبر ، حتى أنتهى بي هذا كله إلى شيء إلا يكن يقينًا فهو قريب من اليقين ، ذلك أن الكثرة المطلقة مما نسميه شعًرا جاهليًا ليست من الجاهلية في شيء وإنما هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين )
سادسًا : واضح أن طه حسين أكتفى بأخذ مقولة الشك مجردة من مقومات المنهج الديكارتي الصحيح وبمعزل عن نظريته في المعرفة فقد أخذ الجانب الشكلي مجردًا من مضمونه الفلسفي إذ أن مذهب الشك عند ديكارت مبني على مفهومه لموضوع الفلسفة وموضوع الفلسفة كما يرى هو " الطبيعة والإنسان " ولم تكن فكرة " الله " حاضرة حين صاغ مذهبه بالشك
سابعًا ؛ يتناقض طه حسين في آراءه ففي الوقت الذي يرى فيه ضرورة تحرير اللغة العربية من التقديس نجده في مواضع أخرى يؤكد أن اللغة العربية لغة القرآن وهي وسيلة لفهمه مما يعني ضرورة الحفاظ عليها
ثامنًا : يستخدم طه حسين منهج أسماه " المنهج التكاملي " وهو خليط من مجموعة مناهج وهذا لا يصح في النقد العلمي لأنه سيوقع صاحبه في تناقض لا محالة
تاسعًا : ( الانتقائية في الاستدلال ) فهو يقبل نظرية ابن سلام الجمحي و ابن قتيبة عندما شككوا بالشعر الجاهلي في حين لا يقبل آراء من قالوا بصحة هذا الشعر مع أنهم يمثلون الغالبية العظمى -
كما قيل لي ,
إقرأ واحكم , قبل أن تقرأ أحكام الآخرين على هذا الكتاب , وأي كتاب ..
إذا كان طه حسين قد حاول أن يضع أسلوبا جديدا في نظرتنا للأدب الجاهلي والإسلامي ولتراثنا .. فقد فعل ..
لكن أن يقوده هذا الأسلوب للنفي بهذه الطريقة , فهو لم يوفق إطلاقا ..
ربما بدأ بشكل سليم بمرحلة الشك ,, لكنه لم ينته ليصل لمرحلة اليقين ..
وإن من يعيش بهذه الطريقة وهذا المنهج لا يستطيع أن يصل لشيء في حياته ,
سيشكّ في كل شيء , ولن يملك ثقة بشيء , حتى في آرائه ..
إننا نفترض أنه كما كان للرواة والمحدثين تحيزات حزبية ودينية قد أقاموا عليها هذا الانتحال ,, فإننا نفترض أنه ما زال بهم بقية من ورع .. وإن زال هذا الورع فمجتمعاتنا لا زال بها شيء من خير , نستطيع أن نثق به ..
لكن أن نفرغ عقولنا من كل شيء - حتى من المسلمات - فلن نصل لشيء , !
ثم إن طه حسين نفسه والذي قرر أن يبدأ عقلانيا , قد فرض عاطفته في كثير من الأمور ..
فبعد كل مقطوعة شعرية تراه يقول :
ألست ترى الضعف الواضح فيه, مما يعني أنه قد يكون منتحلا؟
فهناك احتمالان: إما أن ذائقتي الشعرية فاسدة تماماً , وإما أن طه حسين شاعر جاهلي قد عرف كل أشعار الجاهليين واستطاع بهذا أن يميز ضعيفها من قويّها ..
لست ضد منهج ديكارت في الشكّ , فنجاحه في بعض الأمور لدى الغرب يمكن أن يفرضه كوسيلة علمية قد تكون مفيدة ..
لكن أن نبدأ بالشك وننتهي بالجحود , فهنا تكمن المشكلة ,,
ربما أكثر ما أعجبني في الكتاب النصوص المنتحلة نفسها , !
على العموم , لست نادما على قراءتي الكتاب ..
فهو قد أعطاني بعدا جديدا في رؤيتي للأدب والتراث , بعدا أكثر منطقية .. -
هذه أول مرة أقف في محطة المبدع طه حسين وهذه الوقفة مع أشهر كتبه وأكثرها إثارة للجدل
الكتاب فكرته ��ديعة ولا تنطوي على أي تشكيك بالقرآن أو تقليل من أهميته اللغوية وحضوره الازم في الذهن العربي
كل ما هنالك أنه يعيد النظر في ما يسمى الشعر الجاهلي ويقارب ذلك أدبيًا ومعرفيًا مبينا مواطن الضعف والخلل ومواطن إثارة الشك
كلامه يستحق القراءة والدراسة بل وحتى المتابعة
الأمر الآخر الذي لفتني بالكتاب فصاحة طه حسين وبعده عن "الفزلكة" اللغوية غير اللازمة -
يقرر(طه حسين) في كتابه هذا الذي أثار جدلا واسعا يوم أن نُشر أن غالبية الشعر الجاهلي منحولة في الإسلام ..
ويعتمد في ذلك التقرير اعتمادا كليا على الفرضية التي تزعم بأن لغة عرب الشمال كانت غير لغة عرب الجنوب، فلئن كانت لغة عرب الشمال هي أم العربية الفصحى، فإن لغة عرب الجنوب كانت لغة أخرى ليس بينها وبين لغة عرب الشمال إلا كما بين العربية وأي لغة سامية أخرى (العبرية مثلا)، وبناء على ذلك لا يمكن أن تنتج هاتان اللغتان المتباينتان تراثا أدبيا واحدا هو الشعر الجاهلي.. وتستكمل الفرضية لتشمل اللهجات المتباينة التي كونت لغة عرب الشمال، فلئن أثبتنا ما بين لهجات القبائل الشمائل من اختلاف، فلن يكون من الممكن أن نفسر عدم ظهور ذلك التباين في الأشعار الجاهلية التي نسبت إلى قبائل الشمال المختلفة.. ولقد انتشرت هذه الفرضية وما يقوم عليها من أحكام في زمنه، على لسان بعض الدارسين للتراث العربي من المستشرقين.. ولقد عرفها بعض الباحثين العرب في التراث العربي من معاصري طه حسين، غير أن طه حسين كان أول باحث عربي تبناها ونادى بها، دون حتى أن يشير إلى من سبقه إليها.
فما الذي دفع بطه حسين إلى أن يثق في هذا الرأي حتى يقول عنه "انتهى بي هذا كله إلي شيء إلا يكن يقينا فهو أقرب إلي اليقين " (ص 7) خاصة وهو قد بدأ بحثه على كلامه على الشك الخالص في كل شيء؟ أي أننا ننتظر من طه حسين أن يقدم لنا الدلائل الباهرة التي لا يتحول الشك إلي اليقين أو ما هو أقرب إلي اليقين إلا بها!
يقول طه حسين (ص25) : "والحق أن البحث الحديث قد أثبت خلافا جوهريا بين اللغة التي كان يصطنعها الناس في جنوب البلاد العربية، واللغة التي كانوا يصطنعونها في شمال هذه البلاد. ولدينا الآن نقوش ونصوص تمكننا من إثبات هذا الخلاف في اللفظ وفي قواعد النحو والتصريف أيضا...!"
جميل جميل، مادام البحث العلمي الحديث قد أثبت كل ذلك، فلم يعد لدينا شيئا لكي نقوله، وليس علينا إلا التسليم.. وكثير من الناس ممن أحب الإنصاف وأحب الحق لذاته سوف يميل تلقائيا لوجهة النظر التي تتسم بالموضوعية وبروح البحث العلمي الحديث، وسوف يعد ذلك إحقاقا للحق ولو على نفسه وعلى هواه وعلى ما يحب أن يعتقده..
ولكن لحظة! ما هي تلك الأبحاث التي انتهت إلي ذلك؟ وما هي الحدود الفاصلة فيها بين التحقيق والاجتهاد؟ وإلى أي مدى يمكن الاعتماد عليها في تعميم أحكامنا؟
لا شيء يجيب في الكتاب، ولا حتى إشارة لمرجع واحد يتيم.. ولكني أحيل القارئ للمقال الذي كتبه (عبد المنعم تليمة) تقديما للكتاب في طبعته الحديثه، ليقرأه كله، وعلى الرغم من التأييد العام للكتاب وصاحبه، إلا أن هذا المقال كُتب بروح المحقق الموضوعي.. وننقل الآن قولا مجملا لكاتب المقال تفصيله في المقال ذاته "اعتمد طه حسين وهو ينظر في الأصول التاريخية والسلالية للعرب على فروض وضعها علماء القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان في تلك الفروض قليل من العلم وكثير من التصورات والمرويات التي لم يشهد لها التاريخ ولم يصادق عليها."
وخلاصة المقال أن البحوث الأحدث قد أثبتت وحدة العرب اللغوية والثقافية في القرون القليلة التي سبقت نزول الإسلام، وأن فكرة العزلة العربية بين القبائل وبعضها، ثم بين الشمال والجنوب ، تفتقر لكثير من الصحة التاريخية..
السؤال الذي يطرح نفسه على الذهن: هل يعد من الأمانة العلمية إطلاق كلمات كبيرة رنانة مثل (البحث العلمي الحديث) و (المذهب الجديد في تناول التراث) على فرضيات في طور النضج لا تعدو عن كونها تصورات وآراء قد تُجهض في أي لحظة، وتقديمها على أنها حقائق عملية إن لم تكن يقينا فهي أقرب إلى اليقين؟! وهل يعد من الرجعية والجمود العقلي ومعاندة البحث العلمي الحديث أن يتم مهاجمة تلك الأفكار إن لم يكن بامتلاك البينة التي قد يُفتقر إليها بحكم الزمن، فبكشف مواطن الضعف في الفرضية، وعدم التزامها بالمنهج التي قامت عليه، بمجازفتها بالتسليم بأشياء تفتقر إلي التحقيق؟ وما ذنب الجيل الذي ينشأ بين عصبيتين كلتاهما تقسم أنها الحق، وأن غيرها هو الغي، وأن طريقها وحده هو الوجهة؟! -
الشعر مرآة الواقع الذى خرج منه. من هنا شك طه حسين فى ما وصلنا من شعر جاهلى، وأخرج التراث من حيزه اللاهوتى ودرسه بالطرق الحديثة بلا أحكام مسبقة، ناقدا النص من داخله وخارجه، منطلقا من نقطة القرآن باعتباره النص الوحيد الذى لا شك فى ثبوته، وأخذ يسرد الأدلة اللغوية والعقلية والتاريخية والدينية على هذا الإنتحال. من الأدلة التى ساقها وجود تشابه كبير فى مفردات الشعر الجاهلى بين شعراء القبائل المختلفة، رغم وجود نصوص تدل على وجود تباين عظيم بين لغات تلك القبائل كلغة حمير ولغة عدنان، كما توجد بعض القصائد ضعيفة المستوى ولا تتفق مع جزالة وقوة اللغة فى العصر الجاهلى، بل تتفق مع العصور المتقدمة حينما دخلت الألسنة المختلفة فى الثقافة العربية وأضعفت اللغة. من الأدلة أيضا عادة الفخر بين القبائل مما دفع كل قبيلة إلى حث الشعراء على نحل الشعر ونسبته إلى الجاهليين، بل ونسبته إلى الجن، ونشر القصاص فى الأمصار لترديده، ويظهر الانتحال أيضا فى شعر الهجاء بين قريش وأهل المدينة بعد بدر و أحد وتفاخرهم بالأنساب، بل وبعد موت الرسول وتنازع الخلافة.
-
في الشعر الجاهلي
طه حسين
الكتاب مكون من 185 صفحة
الطبعة الأولى، مارس 1926
هذا الكتاب أثار ضحة عقب صدوره، وأهاج أنصار القديم البالي على دكتور طه حسين، وتسبب في تقديم شيخ الأزهر بلاغ ضده، والتحقيق معه أمام النيابة العامة، ثم خسارته لعمله في الجامعة، واعتزال طه حسين الشأن العام والناس، حتى عودته مرة أخرى للتدريس في الجامعة.
فكرة الكتاب ببساطة هي أن طه حسين اعتمد في دراسته للأدب والشعر العربي القديم على منهج ديكارت، الشك الديكارتي، أي دراسة كل شئ بتجرد تام، وكانت النتيجة صادمة عندما طبق هذا المنهج على الشعر الجاهلي، فقد توصل طه حسين إلى أن هذا الشعر أغلبه منحول ومختلق بعد الإسلام لأسباب دينية أو سياسية أو غير ذلك، وأن هذا الشعر نحل بألفاظ القرآن وبلهجة قريش وأهل الحجاز رغم اختلاف اللهجات والألفاظ وأوزان الشعر وطرق كتابته، وتباين البيئة والمؤثرات الخارجية، مما يدعو للشك في هذا الشعر برمته، فلا يُصبح هذا الشعر حجة على عربية القرآن، بل إن القرآن هو الحجة على عربية وألفاظ ومعاني هذا الشعر الذي ينسب إلى الجاهليين.
الكتاب مكون من ثلاث كتب.
الكتاب الأول، ويتناول فيه دكتور طه حسين في مقدمته مناهج البحث العلمي التي تتعامل مع الأدب والفلسفة والتاريخ والتي تنحصر في منهجين، المنهج الأول هو منهج أنصار القديم الذين يعتقدون في أننا يجب أن نقبل الأدب وتاريخه كما قال القدماء، وألا نتناوله بالنقد إلا بالمقدار اليسير، فهؤلاء يتبعون القدماء ويغلقون باب الاجتهاد. المنهج الثاني هو منهج أنصار الجديد، وهؤلاء يعتقدون في أننا يجب أن نضع علم المتقدمين والقدماء كله موضع البحث والشك وأن نخضعه لمنهج الشك الديكارتي، وبالتالي عدم التقيد بشئ، القومية، الدين، ما يضاد هذه القومية وما يضاد هذا الدين، وألا نذعن لشئ إلا لمنهاج البحث العلمي، بحث متجرد من الانتماءات القومية والدينية.
يرى طه حسين أنه تطبيق منهج الشك الديكارتي على الأدب سيؤدي إلى ثورة أدبية وتغييرا في التاريخ والشك في أشياء لم يكن يباح الشك فيها.
ومن منهج ديكارت بدأ طه حسين الشك في قيمة الشعر الجاهلي، أخذ يبحث ويفكر، ويقرأ ويتدبر، فتوصل إلى أن الكثرة المطلقة مما نسميه شعرا جاهليا ليس جاهليا، بل هي منتحلة مختلقة بعد ظهور الإسلام، هي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين. أما ما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جدًا، لا يمثل شيئا ولا يدل على شئ، ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر. ولكن العصر الجاهلي القريب من الإسلام لم يضع، بل يمكن تصوره بوضوح اعتمادًا على القرآن والتاريخ والأساطير، لا على الشعر.
هذه الأشعار التي تُنسب للجاهليين تُكلفت واخترعت اختراعا ليستشهد بها العلماء على ما كانوا يريدون أن يستشهدوا به.
إذن لا ينبغي أن يُستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث، بل ينبغي أن يُستشهد بالقرآن والحديث على تفسير هذا الشعر وفهمه، فالقرآن هو أصدق مرآة للحياة الجاهلية.
الشعر الجاهلي يخلو من ويعجز عن تصوير الحياة الدينية للجاهليين، في الوقت الذي قوبل فيه الإسلام بمقاومة عنيفة من الوثنيين واليهود والنصارى العرب، فنجد في القرآن صدى لهذا الصراع الديني، أي أن القرآن يمثل لنا حياة جاهلية دينية قوية، حياة عقلية قوية، قدرة على الجدال وشدة في المحاورة، هل الذين يتجادلون هكذا جهلة أغبياء كما يصورهم لنا الشعر الجاهلي! لقد كانوا أصحاب عقل وعلم وذكاء وعواطف رقيقة. وكان العرب كغيرهم من الأمم ينقسمون إلى طبقتين، طبقة المستنيرين، الذين يمتازون بالجاه والثروة والذكاء والعلم، وطبقة العامة، الذين لا يكاد يكون لهم من هذا كله حظ، وهؤلاء هم الأعراب الذين وصفهم القرآن بالغلظة والشدة والنفاق والكفر وشرع النبي في استمالتهم بالمال "المؤلفة قلوبهم"..
كما أن العرب في العصر الجاهلي لم يكونوا أمة معزولة في صحرائهم عن العالم، بل كانوا على اتصال بالفرس والروم واليمن والحبشة وفلسطين والشام ومصر، بالتجارة كما يقول القرآن.
انقسم العرب، كما تخبرنا كتب التراث العربي، إلى قسمين: القحطانية وهم عرب الجنوب، في اليمن، وهم عرب منذ خلقهم الله، ويسمون ب "العرب العاربة".
العدنانية وهم عرب الشمال، كانوا يتحدثون لغات أخرى، واكتسبوا اللغة العربية، ويسمون ب "العرب المستعربة".. يتصل نسبهم إلى إسماعيل.
كانت لغة "حمير" لغة العرب العاربة، ولغة "عدنان" لغة العرب المستعربة، وكانتا مختلفتان في اللفظ وفي النحو والتصريف.
يرى طه حسين أن القول بأن سبب اختلاف لغة عرب الشمال عن لغة عرب الجنوب مختلق ومنتحل لأسباب دينية وسياسية واقتصادية، فالشخصيات الدينية مثل إبراهيم وإسماعيل هي شخصيات أسطورية، لا دليل مادي على وجودها. وبدايات هذا الاختلاق ظهرت مع هجرة بعض اليهود إلى شمال جزيرة العرب، فدار صراع بينهم وبين سكان هذه المنطقة من العرب، هذا الصراع انتهى بالصلح، وكان أساس هذا الصلح هو اختلاق قصة أن العرب واليهود أبناء عمومة، واختلاق قصة إسماعيل بن إبراهيم الذي هاجر إلى جزيرة العرب وأسس بلدة مكة وانحدر من نسله عرب الشمال. أما عن أسطورة بناء إبراهيم وإسماعيل الكعبة فقد ظهرت في بداية القرن السابع الميلادي مع نهضة قريش التجارية والدينية فأرادت أن تفرض سيطرتها على عرب الجزيرة العربية.
الصلة بين اللغة العربية العدنانية واللغة القحطانية مثل الصلة بين اللغة العربية وغيرها من اللغات السامية، مثل الصلة بين اللغة العربية واللغة العبرية، أي أنهما لغتان منفصلتان.
وبالتالي فإن الشعر الجاهلي المنسوب إلى عرب اليمن، القحطانية، هو شعر منحول ومُختلق ليوافق لغة العرب العدنانية والقرآن.
العرب كانوا متقاطعين، متنابذين، أدى ذلك إلى اختلاف اللغات وتعدد اللهجات فيما بينهم. فقد كان لكل قبيلة من القبائل العدنانية لغتها ولهجتها ومذهبها في الكلام، وظهر هذا الاختلاف في اللغة واللهجة في شعر هذه القبائل الذي قيل قبل أن تفرض قريش لهجتها ولغتها.
ولكن هذا الشعر الجاهلي قد ضاع، وما وصل إلينا من شعر ستجد فيه أن قصائد امرئ القيس، الذي هو من كِنده أي قحطان، وقصائد عنترة وزهير ولبيد، الذين هم من قيس، وقصائد طَرَفة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حِلزة، الذين هم من ربيعة، نفس اللهجة، نفس اللغة، نفس مذهب الكلام، نفس قواعد القافية، نفس الألفاظ المستعملة، ستجدها لدى شعراء المسلمين، نفس المذهب الشعري، نفس البحر العروضي.. لقد فرض الإسلام على العرب جميعًا لغة عامة واحدة، هي لغة قريش، التي أصبحت لغة الشعر والأدب، كما هي لغة القرآن.
الكتاب الثاني، ويتناول فيه طه حسين الأسباب التي دفعت العرب لانتحال واختلاق الشعر والقصص والروايات في العصر الإسلامي. بداية يؤكد طه حسين على أن انتحال الشعر والأدب ليس مقصورا على العرب، بل سبقهم في ذلك الإغريق والرومان.. كانت هناك أسباب لهذا الانتحال وهي:
1- سياسية، فقد كان هناك صراعا بين النبي والأنصار والمسلمين الأوائل من ناحية، وبين قريش من ناحية أخرى، وفي ظل هذا الصراع ظهر الشعراء بقصائد وشعر الهجاء. بعد ذلك دخل النبي مكة، فأسلم أبو سفيان وأسلمت معه قريش. وبعد وفاة النبي عادت الخصومة بين قريش من ناحية وبين الأنصار من ناحية أخرى، فعادت قصائد الهجاء مرة أخرى، هنا نهى عمر بن الخطاب عن قول الشعر الذي كان يتهاجى به المسلمون والمشركون في زمن النبي لدرء الفتنة ومنعا لعودة الخصومة المدفونة تحت الرماد. كتب الأنصار شعرهم الذين هجوا فيه المشركين، أما شعر قريش فقد كان قليلا، فاستكثروا منه بعد الإسلام وكتبوه. بعد مقتل عمر، جاء عثمان فانحاز للأمويين، وهدأت حركة الفتح، فنشطت العصبيات بين باقي العرب من ناحية، وقريش من ناحية أخرى، وبين العرب عموما، وشعوب الأمم المغلوبة التي غزاها واحتلها العرب، فظهر لنا الشعر المختلق والمنحول، المنسوب لفترة ما قبل الإسلام، الذي يمجد صاحب الشعر، ويهجو أعداءه.
2- دينية، وكان الانتحال هنا هدفه إثبات صحة النبوة وصدق النبي، وكان موجهًا إلى عامة الناس، مثل الأخبار التي قالت بأن علماء العرب وكهانهم وأحبار اليهود ورهبان النصارى، كانوا ينتظرون بعثة نبي عربي يخرج من قريش. هذا النوع من الاختلاق موجود في كتب السيرة والتاريخ. وصل الأمر لانتحال الشعر على لسان الجن في محاولة لتفسير صورة الجن في القرآن، ولوضع أحاديث على لسان النبي لتأويل القرآن على النحو الذي يريدونه ويقصدونه، وانتحال الشعر على لسان الرهبان المسيحيين وأحبار اليهود كدليل على صدق نبوة النبي محمد، انتحال الشعر الشعر على لسان الجاهليين للتعظيم من شأن النبي ونسبه، وتعظيم بني هاشم مرورا بقريش وصولا إلى العرب، انتحال الشعر لتمجيد بني أمية وبني العباس وباقي بطون قريش الطامحة في الحكم، انتحال الشعر لتفسير آيات القرآن التي تتناول قصص وأخبار الأمم القديمة مثل عاد وثمود. أراد المفسرون لأمر ما أن يستشهدوا على كل كلمة من كلمات القرآن بما يثبت أن هذه الكلمات عربية خالصة، فانتحلوا الشعر الجاهلي لإثبات عروبة هذه الكلمات. استخدم المفسرون والفقهاء الشعر الجاهلي المنحول لإثبات صحة تفسيراتهم وتأويلهم وفقههم.
إذا كان هناك نصا عربيا لا تقبل لغته شكا ولا ريبة، وهو لذلك أوثق مصدر للغة العربية، فهو القرآن.
3- قصصية، فالفن القصص ليس دينا ولا سياسة، ولكنه يتصل بالدين والسياسة اتصالا قويا. ازدهر هذا الفن في زمن الأمويين وزمن العباسيين. كان القصاصون يقصون على الناس قديم العرب والعجم، ما يتصل بالنبوات، تفسير القرآن والحديث، السير والمغازي والفتوحات، معتمدين على الخيال، لا الحقائق والعلم.. استخدم الخلفاء والأمراء هذا الفن الذي جذب الناس بشدة، فاستخدموه واستغلوه سياسيا. اعتمد هذا الفن على 4 مصادر، هي: مصدر عربي وهو القرآن والحديث وسير النبي والخلفاء والمغازي والفتوحات، مصدر يهودي ونصراني وهو قصص الأنبياء والأحبار والرهبان، مصدر فارسي وهو أخبار وأساطير الفرس والهند، ومصدر مختلط. كان هؤلاء الرواة يعتمدون على طائفة من المساعدين يجمعون لهم القصص والأخبار والروايات والأشعار، يلفقون وينتحلون ويختلقون القصص والشعر، وينسبونهم للقدماء.
4 - شعوبية، وهي توجه مضاد للعروبية ظهر بين أبناء الشعوب المغلوبة التي احتلها العرب، وأشهر هؤلاء هم الفرس الذين أتقن العديد منهم اللغة العربية ونظموا الشعر بها، ليستفيدوا ماديا من استخدامهم من القبائل العربية لهجاء القبائل العربية الأخرى، وليعيشوا حياة أكثر حرية كحياة الأسياد العرب، بعيدا عن حياة الرق والاستعباد. ضاع أغلب شعرهم الذي كتبوه زمن بني أمية، ووصل إلينا شعرهم في العصر العباسي، مثل قصيدة أبي النواس التي يهجو فيها العرب وقريش، والتي حبسه بسببها الخليفة هارون الرشيد. انتحل هؤلاء الشعراء الموالي الشعر على لسان العرب لتمجيد الفرس وملوكهم وسلطانهم وجيوشهم وعلومهم وفلسفتهم. رد عليهم العرب بانتحال الشعر والأخبار والفلسفة والعلوم الذين يمجدون العرب وينسبون للأدب العربي القديم كل الفلسفة وكل العلوم المحدثة.
أما الكتاب الثالث فيتناول الشعر والشعراء، يذكر لنا طه حسين أمثله لهؤلاء الشعراء الجاهليين وشعرهم المنحول والمنسوب إليهم. يتناول شعر امرئ القيس، علقمة، عَبيد بن الأبرص، عمرو بن قَميئة، مهلهل بن ربيعة، جليلة زوجة كليب، عمرو بن كلثوم، الحارث بن حِلزة، طَرَفة بن العبد والمُتَلَمِّس. -
طه حسين -بالنسبالي- أهم مفكر مصري بدون شك.
"خلق الله لهم عقولا تجد في الشك لذة"
ليس قيمة الكتاب في أن شعر امرؤ القيس او غيره من الشعر الجاهلي منحول ولكن، قيمة الكتاب تنبع من الثورة التي احدثها في وقتها في مجال البحث العلمي، كتاب يبدأ بذكر منهجه ثم بالفرضيات ثم يدعم فرضياته بالأسباب التي تتعلق بالشعر خارجيا ثم يدعم ذلك بأمثلة داخلية من الشعر نفسه في هذا منهجية يتبعها صاحبها في نقد الشعر الجاهلي وأيضا يُساق على ذلك كله التراث العربي.
منهج طه حسين في الكتاب الشك الديكارتي مكنش مشكلته مع الشك في الشعر ولكن، طه نفسه كان شايف إن ده هيجر عليه سخط الناس بسبب ان الشك هيتبعه شك في مسلمات كتير زي الدين نفسه فكان واعي بده. الشك مش هيحدث ثورة ادبية بس دي ثورة ضد عقيدة النقل كلها.
طه حسين برده بسبب شكه، كان طبيعي يشك تاريخيا في شخصيات زي ابراهيم وإسماعيل وده بيزود السخط عليه ويتقال انه بيكذب القرآن لكنه، لما شك كان بيشك في الوجود التاريخي مش عارف اللي قدموا البلاغات للنيابة وقتها مكنوش فاهمين الفرق بين تكذيب القرآن والشك التاريخي !
طه ذكر في مقدمة كتابه على هامش السيرة انه ذكره للقصص العربية القديمة على سبيل الاعجاب بها والالتذاذ بيها مش على سبيل التسليم العقلي بيها !
لما صدر الكتاب كان لسه في معركة منتهية بانتصار المؤسسة الرجعية على الحداثيين كانت معركة علي عبدالرازق وفي الغالب معركة طه حسين كانت تخليص حق منه على مساندته لعلي وتخليص حق من الوفد ضد الاحرار ولا يخلو من رجعية متأصلة.
الغريب أن طه حسين هو اللي انتصر المرة دي بعد ما النيابة برأته، كان الطبيعي إن التيار الحداثي يبدأ يرستق أموره وده هيحصل لكن، نكسات نكسات نكسات.. بنرتد للرجعية الأصيلة أو اللي بيسموه عصور الظلام وفرحانين بكده.
تذييل جابر عصفور في طبعة مكتبة الأسرة في حد ذاته كتاب لوحده وكتاب مهم حقيقة عن الواقع الاجتماعي والثقافي وقت صدور الكتاب وردود الفعل من جانب التيارات المحافظة ان كانت الأزهر أو الوفد والتيارات الليبرالية زي الأحرار الدستوريين واللي من الطريف إن طه عمل اهداء في أول الكتاب لعبدالخالق ثروت وكأنه زي ما عصفور بيقول بيستنجد بدعمهم في الوقت ده وقد كان .
في نقطة حلوة جدا عن الحضور المدني في الوقت ده انه كان في حريات بشكل نسبي أفضل بكتير لو قارنا مثلا اللي حصل لعلي عبدالرازق في ظل غياب الدستور والبرلمان باللي حصل لطه حسين وقت اعادة دستور 23 وعودة برلمان سعد ،أو لنصر حامد أبو زيد باللي حصل لطه حسين هنتأكد من أهمية الحضور المدني في مواقف زي دي وإن غياب الحرية السياسية هتكون سبب في غياب كل الحريات مش زي ما بعض النخبة بيتصور حاليا . -
أول قراءة لطه حسين، كنت أسمع عنه وعن عظمته لكن لم أتوقع أن تكون بهدا القدر
-
في الشعر الجاهلي
طه حسين
.............
أصبح عندي قناعة شديدة الآن وأكثر من أي وقت مضي بأن الكتب التي هوجمت في أي وقت من الأوقات وحرم الفقهاء قراءتها، أو قامت الحكومات بمصادرتها، ما كانت تستحق أن تقام حولها كل هذه الضجة وما كانت تستحق المصادرة ولا كان أصحابها يستحقون المطاردة، بل في بعض الأحيان كانت تستحق النشر وكان أصحابها يستحقون التكريم، وللأسف فإن أغلب هذه الكتب قد قرأتها متأخرا جدا عما كان ينبغي.
من هذه الكتب كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين، فالكتاب تعرض صاحبه للمحاكمة، وتعرض الكتاب نفسه للمصادرة، وهوجم صاحبه وظل الكتاب يسيء لسمعة مؤلفه بسبب جملة واحدة فقط قالها في الكتاب، لكن الكتاب _ بخلاف نقاط قليله _ في عموم�� لا غبار علي الأفكار الواردة فيه، فهي أفكار تناقش، يمكن تأييدها ويمكن رفضها.
اهتم طه حسين في هذا الكتاب بتطبيق مناهج الفكر الغربي في نقد وتمحيص النصوص المتوارثة في الشعر العربي عن العصر الجاهلي، واهتم تحديدا بتطبيق منج الشك الديكارتي ويعني البدء بالشك في صدق أي شيء قبل البدء بتصديقه، ثم الانطلاق من هذا الشك _ بعد البحث _ إلي اليقين الذي يأتي بعد بحث، بدلا من اليقين الناشيء عن الوراثة والذي هو في الحقيقة لا يستحق أن يكون يقين.
شك طه حسين في انتماء الشعر الجاهلي إلي العصر الجاهلي، وكان في شكه يملك أسبابا وجيهة تستحق المناقشة، وشك في صحة نسب هذه الأشعار إلي ��لأسماء التي تنسب إليها، فالكثير من هذه الأشعار كلها مما وضعه الوضاعون في عصور تالية (بعد الإسلام) بغرض إعلاء بعض القبائل علي بعض، ورفع شأن المتنافسين السياسيين في مواجهة خصومهم، كما أن هذه الأشعار من ناحية الأسلوب اللغوي تنتمي لعصر بعيد تماما عن أن يكون العصر الجاهلي، كما أنها من الناحية الفكرية والروحية لا تعبر أبدا عن ثقافة وروح العقيدة في العصر الجاهلي؛ لذلك يري المؤلف أنه شعر منحول.
يري المؤلف أنه يجب إذا أردنا أن نتعرف علي طبيعة الحياة الثقافية الروحية لعرب العصر الجاهلي لا أن نلجأ للشعر المسمي بالجاهلي، بل يجب أن نلجأ فقط للقرآن؛ لان القرآن هو النص الوحيد الذي رسم صورة صادقة لثثقافة وفكر وعقيدة عرب ال��صر الجاهلي.
ختم المؤلف كتابه ببحث عن مجموعة من شعراء العصر الجاهلي منهم أمرؤ القيس، وعمرو بم كلثوم، وطرفة بن العبد، ومن خلال حديثه عنهم حاول الوصول
إلي المزيد من الأدلة علي صدق رؤيته عن انتحال الشعر الجاهلي.
يعاب علي الكاتب أنه تعمد الحديث عن منهج الشك في نقد التراث مستخدما مثال علي قصص القرآن، وهذا ما أدي إلي الهجمة الشرسة المضادة التي تعرض لها، وكان يجدر بالكاتب الابتعاد عن هذه الطريقة، وما كانت فكرته الأساسية ستتعرض لأي تغير أو تشويه.
.................................. -
الشك!
مع الشك قد ينجرف الإنسان و يتفوه بكلام غير واقعي ولا يشكر عليه
حتى لو كان عميد الأدب العربي... بعض ما قاله في هذه الدراسة، يزعجني كمسلمة وقد تم محاربته بسببه
قد أتفق معاه في بعض ما قال عن شرعية الشعر الجاهلي ولكن ليس تماما
هل أنصح بقراءة هذه الدراسة؟ لا أعلم صراحةً
طه حسين... عميد الأدب العربي... مالذي جعلك تقول هذا؟ -
في هذا الكتاب يعتمد طه حسين منهجية ديكارت في الشك، الكثير من الشك، حتى يصل بنا إلى استنتاجات خطيرة تجعل من أغلب القصائد التي حفظناها على أنها من الشعر الجاهلي منتحلةً ومكذوبة، بل إنه يخطو خطوةً أبعد من ذلك فيحقق في أمر بعض شعراء الجاهلية وينتهي إلى ما مفاده أن بعضهم لم يكن لهم وجودٌ أصلاً بل هم شخصيات اخترعها العرب ونمّقوها لأهدافٍ عديدة يفصّلها في الكتاب.
-
في الشعر الجاهلي الكتاب الذي ألقى طه حسين به حجرا في مياه الثقافة العربية الراكدة منذ ما يقارب المائة عام والذي تتابعت الهجمات والاتهامات عليه وعلى مؤلفه حتى حوكم بسببه
ما حقيقة شعراء الجاهلية وهل وجدوا حقا؟ هل ينتمي هذا الشعر إليهم حقا أم هو مجرد انتحال الصق بهم لخدمة أغراض سياسية وقبلية وأحيانا دينية؟ -
أول طريق نحو اليقين هو الشك وهنا يطرح علينا طه حسين تلك الدراسة التي فتحت عليه أبواب من الجحيم كونه كان يشك في التاريخ و التاريخ لدينا نحن العرب أو المسلمون بشكل عام هو أحد الثوابت المقدسة التي لا يجب العبث بها ويجب التسليم المُطلق بها .
في البداية أنا لا أتفق ولا أختلف ولكن أظن أني بحاجة للدراسة و القراءة أكثر في أمهات الكتب للوصل لصحه ما يظنه عميد الأدب العربي أو عكس ذلك .
ولكني أنكر عليه كونه استشهد بكون القبائل لم تكن تتحدث العربية كما تتحدثها قريش و أن اللهجات كانت تختلف و هو أيضاً كان يؤكد أن القرآن نزل بلغه تناسب جميع القبائل سواء الوثنية في مكة أو اليهودية في المدينة والنصرانية في نجران و كان يؤكد أن في بداية الدعوة كان الخلاف جدلياً عن فهم جادلوا الرسول في القرآن عن فهم منهم بمعانيه نظراً لقوة العرب و فصاحتهم اللغوية فكيم يستقيم الأمر و كيف يفهم من لا يتحدث باللغة هذه اللغة
الكتاب سيجعلك تشك في كُل شخصيات التاريخ التي تعشقها و تحفظ مما قالوا ما تحفظ إلي أن يصدمك طه بان كُل ما قيل لا يُنسب لهم و أن المهلهل بن ربيعه و عمرو بن كلثوم و حتى امرأ القيس كلهم محض خيال .
وأنا لا استبعد بأن بعض الروايات كانت فيها الكثير من المبالغة كحادثة عمرو بن كلثوم من عمرو بن هند _و أنا لا أنكر الحادثة كما أنكرها طه حسين _ و هذا لأن العرب معروفين بعصبيتهم الشديدة و نزاعاتهم القبلية و تكبرهم و تفاخرهم بأصولهم إلي حد يجعلهم يكثرون من التأويل و أن يسافروا بخيالهم إلي هذا الحد .
و في سياق أخر لا تستطيع أن تُسلم بهذه السهولة بأن كُل هذا أدب منحول و أن هذه الشخصيات هي محض خيال نعم ربما فسد الكثير من التراث كونه كان خاضع للتأويل و أهواء الراوي و لكن من الظلم أن ننكر تاريخ أدب كامل و لو ذهبنا مع طه هذا المذهب فما كان يوجد قبل الإسلام في جزيرة العرب لو كان كل الشخصيات وهميه و أيضاً كيف ننكر عليهم الشعر وهم كانوا أفصح من تحدثوا بالعربية .
و لكنه استقام حين قال أن نصوص القرآن و ألفاظه يجب أن نستشهد بها علي صحه ما يسمونه الشعر الجاهلي بدل أن يستشهد بهذا الشعر علي نصوص القرآن
الكتاب صعب المراس ولن تحدد هل أنت معه أم ضده ولكنها دراسة مهمة جداً تحتاج لمتابعه في أمهات الكتب -
ما اجمل القراءة لطه حسين الباحث و المفكر
لغته الدراسية من وجهة نظري اجمل من لغته حين يكتب الادب
مبدئيا هناك سمعة سيئة تحوم حول هذا الكتاب ، بسبب الاسلاميين
مع انه لم يتعرض بالكتاب لشيء يمس المقدس ، فلا عجب ان هذا درب المتعصبين من عصر ابن حزم لعصر طه حسين لعصرنا الحالي
الكتاب فكرته الرئيسية تبيين وجود انتحال في الشعر الجاهلي و بين اسبابه و بين امثلة عليه
تحليل طه حسين للنصوص والتاريخ ، يبين مقدرة عالية على الفهم و التقدير
و ايضا معرفة كبيرة بالعلوم الدينية و الانسانية
من يقرأ سيرته الايام يدرك تعليمه الجيد حينما كان بالازهر
من ثم دراسته للادب والتاريخ
ما جعله لا يكتفي بالنقل بل يهتم بالعقل و التمحيص والبحث والتفكير
لي عودة لكتبه الاخرى بلا شك -
ماهذا يا رجل؟
ظن وتخمين يصبح رأيا ثم يصير بحثا ودراسة؟
أي هراء هذا!
......
بعد الاطلاع على النسخة الأولى للكتاب. والتي سمعته أن كاتبها عدل عم بعض مافيها لاحقا، لكني لم أرها بعد! -
«في الشعر الجاهلي».. قرأت عن الكتاب وعن الجدل الكبير الذي سببه في كتاب د. محمد عمارة «طه حسين.. من الانبهار بالغرب للانتصار للإسلام». حيث هالني كمية النقد عن طريق عدد كبير من الكتب التي صدرت للرد عليه، هذا بخلاف المقالات، والقضايا التي رُفعت على الكاتب، والتكفير وغيرها، فاشتريت الكتاب من معرض الكتاب السابق -يناير ٢٠١٧- لأحاول أن أواجه بنفسي ما قاله الرجل.
يرى طه حسين في الكتاب أن أغلب ما نُطلق عليه شعرًا جاهليًا إنما هو منحول ومكذوب. والكتاب كله للتدليل على وجهة نظره تلك.
فيبدأ أولا بمحاولة للتدليل على رأيه هذا من القرآن، ويقول أن صلة العرب بالأمم الأخرى كالفرس والروم واضحة في القرآن، مثل رحلة الشتاء والصيف، وحتى بالحبشة، وبالتالي هو يرى أن أي شعر جاهلي لابد أن يكون قد تأثر بالأمم التي يتواصل معها العرب. وهو ما لم يكن متواجدًا بالشكل المتوقع فيما نسميه شعرًا جاهليًا.
ثم بعد ذلك يتجه للغة واللهجة، فيقول أن العرب ينقسمون لقسمين: قحطانية وهم من أهل اليمن، وعدنانية وهم من أهل الحجاز. القسم الأول هم عرب بالفطرة، أما الثاني فقد اكتسبوا العربية اكتسابًا، بعد أن كانوا يتحدثون لغة أخرى كالكلدانية أو العبرانية.ومنهم إسماعيل ابن ٱبراهيم أوّل من تحدث العربية من المستعربة.
ولو كان الشعر الذي يُنسب للقحطانية جاهليًا بالفعل لاختلفت لغته اختلافًا كليًا عما نراه الآن، وذلك لأن هناك العديد من البحوث التي تُثبت الاختلاف بين قسمي العرب في لغتهم.
وفي هذا الفصل بالذات يرى طه حسين في سياق بحثه أن إبراهيم وإسماعيل لم يكونا موجودين، وإنما أدت ظروف اقتصادية وسياسية ودينية لقبول قريش "لأسطورة" بناء الكعبة بواسطتهما. وربما تكون هذه النقطة واحدة من أكثر النقاط التي أثارت جدلًا وسخطًا على طه حسين وعلى كتابه.
ويدلل -في نفس السياق- بالقرآن نفسه على ما قال، فالقرآن قد تنوّعت قراءاته، تبعًا لتنوع القبائل التي اتخذت لهجات مختلفة عن لهجة قريش التي أنزل فيها القرآن. فهل يستقم ألا يكون الشعر غير متغير مع اختلاف اللهجات ذلك؟
ومن نافلة القول أن أذكر هنا ما قاله د. عبدالمنعم تليمة في مقدمته لطبعة مكتبة الأسرة من أن طه حسين كان قد اعتمد في نظرته للسلالات العربية على فروض وضعها علماء القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان في هذه الفروض القليل من العلم والكثير من التصورات والمرويات القديمة.
وأيضًا يقول أن فكرة اختلاف اللغات العربية إنما كانت بعيدًا جدًا في التاريخ. ولكن فترة ما قبل الإسلام لم يكن هناك لغتين عربيتين كما قال طه حسين.
وعلّق أيضًا د.كرياكو نيكولاو ذبتراغاس في افتتاحيته لنفس النسخة أن عدم ذكر طه حسين لمصادره في هوامش الكتاب قد أضعف قيمة المعلومات في الكتاب.
ويضع طه حسين بين أيدينا بعد ذلك الأسباب التي يراها في النهاية أدت إلى انتحال الشعر، ما بين أسباب دينية وأسباب سياسية وغيرها.
حتى الرواة نفسهم، كان منهم من يأجر نفسه للقبائل يجمع لكل واحدة منها شعرًا يضيفه لشعرائها الجاهليين شعرًا لم يكتبوه.
ثم ينهي الكتاب بشعراء معينين يوضح من خلالهم الانتحال الذي حدث على شعرهم من خلال بعض الحوادث التي تثبت أن ما يضاف لهم من شعر ليس شعرهم، وأيضًا من خلال تحليل لبنية النص الشعري نفسه من حيث جودته وركاته.
رأيي في الكتاب: في نقاط سوف أُجمل خواطري حول الكتاب:
أولا: النقطة التي لا أفهمها جيدًا أن الكاتب سلّم في بداية الكتاب بصحة القرآن، وجاء بعد ذلك وشكك في وجود إبراهيم وإسماعيل من بعده. في أي سياق يضع ذكر القرآن لنبيين غير موجودين؟
ثانيا: ولكي أكون أمينًا، لابد أن أذكر أن طه حسين كان قد تراجع عن الكثير من آراءه في ذلك الكتاب، وأحيلكم إلى كتاب د. محمد عمارة «طه حسين من الانبهار بالغرب للانتصار للإسلام»، فقد وضح التغيير الكبير في رأي طه حسين مع مرور الوقت، وأترككم مع جزء من مراجعتي للكتاب السالف ذكره:
رحلة غريبة جدا تبدأ من العلمانية (فالرسول عنده إنما هو صاحب رسالة روحية بحته ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالسياسة)، والتطاول على مقدسات الإسلام في كتاب الشعر الجاهلي (1926): والسخرية من نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، وحيل وأساطير إبراهيم وإسماعيل!، والانبهار بالحضارة الغربية، والادعاء بأن مفكري التاريخ كلهم غربيون، فهم قادة الفكر وناصية الحضارة في العالم (في كتاب قادة الفكر 1925)..
ثم يبدأ ذلك التحول التدريجي لفكر الرجل، حتى يصل به الحال إلى الوقوف في لجنة كتابة الدستور 1953 ضد محاولات إقصاء القرآن وأحكامه، والدفاع باستماتة عن حاكمية القرآن الكريم على غيره، ووقوفه ضد محاولات التنصير. وضد الباطنية، ومعاركه الشرسة ضد البهائية.. ثم تخليه من آراءه السابقة بشأن فصل الإسلام عن السياسة (فيقول أن الإسلام قد بنى دولة خالدة)، بل ودفاعه عن محمد ابن عبدالوهاب، لأن دعوته -كما يقول: "هي الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من كل شوائب".
ثالثًا: في بعض أجزاء الكتاب أطال الكاتب كثيرًا، لتوضيح وجهة نظر لم تكن تحتاج لذلك الطول، والتي ربما أراد بها الكاتب إظهار شيئًا آخر ربما ود أن يقوله بطريقة غير مباشرة.
مثال: في ذكره لأسباب انتخال الشعر ذكر السبب الديني، ثم أخذ يذكر أمثلة عديدة للعصبية بين الصحابة بعضهم البعض... بين أهل مكة وأهل المدينة مثلا، ولم يأل جهدًا في ذكر مواقف حدثت بين الصحابة يظلم بعضهم بعضًا وهكذا.. ولا أدري ما الذي أراده بالضبط عندما أمعن في ذكر هذه المواقف.
رابعًا: يلاحظ أن طه حسين كرر جملة «باب الاجتهاد في الفقه أغلق» أكثر من مرة، ربما يحاول أعطاء الكتاب موضوعًا أوسع وأعم من موضوع الشعر الجاهلي، وهو الدعوة بشكل عام إلى تحريك المياه الراكده، واستخدام منهج الشك الذي يتبناه في جوانب فكرية كثيرة، وهو ما نجح فيه الكاتب في رأيي. فبغض النظر عن صحة أو عدم صحة ما جاء في الكتاب، فقد سبب صدمة فكرية ومعرفية ربما غيرت كثيرًا من فكر الكتاب والمفكرين في مواجهة الأفكار الراسخة وأكسبتهم شجاعة في مواجهتها.
خامسًا: أثني هنا على نسخة مكتبة الأسرة التي وضعت في نهاية الكتاب ملحقًا كبيرًا يوضح ظروف نشر الكتاب بداية من خروجه من المطبعة يوم ٣ أبريل عام ١٩٢٦، وعرضه للبيع بعشرين قرشًا، وتنويه الجرائد عنه، إلى المعارك الرهيبة التي تمت بين فريقين، أحدهما يؤيد طه حسين على الأقل في المنهج الذي اتخذه، والآخر من المشايخ ومفكري الأزهر الذين وجدوا أن طه حسين خرج عن الإسلام بسبب بعض النقاط التي أشرنا إليها سابقًا. وحتى وصول الأمر للقضاء، والبرلمان. وغيرها من الظروف التي تلت صدور الكتاب. -
الكتاب المثير للجدل ...
هل يستحق الأمر حقا كل هذا الجدل
والصخب والهجوم على طه حسين
لا أعتقد ذلك.
في بداية الكتاب تقديم لكل الآراء
التي نشرت عن كتاب طه حسين
في الشعر الجاهلي المنطقي منها
وغير المنطقي الموضوعي وغير
الموضوعي.. ثم يتبعه متن الكتاب
ومقالة مرجيلوث التي اتهم طه حسين
بسرقة كتابه منها ثم مقالة أخرى
يبرأ فيها مرجيلوث طه حسين من
هذه السرقة المزعومة.
كان هذا الكتاب بمثابة ثورة لتصحيح
أسلوب البحث الأدبي في العالم العربي
وأن لم يكن له الا هذا الفضل لكفاه. -
اسم الكتاب : في الشعر الجاهلي
المؤلف : طه حسين
عدد الصفحات : 195
التقيم : 4/5
.
ملحوظة أولية : لو خرجنا من كتاب طه حسين بمنهجية او الية التفكير نفسها فقط يكفي و الله ..
اعتمد دكتور طه حسين على فلسفة "ديكارت" على منهجية الشك , و هي بتدعو إلي عدم الإنحياز إلي أي شئ مسبق و استخدام البحث و التقصي و النقد
و القبول في النهاية إلي ما توصل إليه البحث من أدلة , بمعنى :
إننا قبل ما ندخل على أي موضوع مهما كان إيه هو , مش هنحكم احكام مسبقة ولا هنفرض مسلمات قديمة ننطلق منها ولكن هنبدأ بالشك في كل شئ في موضوع البحث و لا نخاف إننا لا نصل إلي أي شئ
,
وده شئ عظيم و مخيف جدا الحقيقة على العقل البشري و مش كل الناس تقدر تعمل حاجة زي كدة ,و لكن ده المنهج الصحيح و الأعظم اثراً و اساس أي بحث علمي ..
الفكرة ثورة جداً و بالفعل الكتاب عمل ضجة كبيرة جدا وقت نشره لدرجة تعرض الدكتور طه لجميع أنواع الإهانات و الإتهام بالكفر و الالحاد و الزندقة , و التقديم ببلاغات عنه في النيابة العامة و إلخ ..
,
الفكرة الاساسية في الكتاب :
إن الشعر الجاهلي هو شعر منحول بعد الجاهلية في العصر الاموي و العباسي و هو إسلامي بإمتياز,و أن لا يجب الاعتماد عليه في الاستشهاد به على أي شئ , و إنه لا يشرح ولا يصف أي شئ في حياة الجاهلية و لا يجب أن يُستدل به على صحة القران , على العكس تماماً من وصف الجاهلية و تفاعل معها هو القران نفسه فـ يجب أن يكون القران هو المصدر الاساسي و الرئيسي و الوحيد في الاستدلال على صحة الشعر ما يُسمى (جاهلي ) ليس العكس , و إن سبب إنتحال الشعر كانت لأسباب سياسية دينية و عصيبة مذهبية ..
.
"لكنني شككت في قيمة الأدب الجاهلى، وألححت في الشك. وانتهيت إلى أن الكثرة المطلقة مما نسميه أدباً جاهلياً، ليست من الجاهلية في شيء، إنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام. فهى إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهوائهم، أكثر مما تمثل حياة الجاهليين. وما بقي من الأدب الجاهلي الصحيح قليل جداً، لا يمثل شيئا، ولا يدل على شيء، ولا ينبغى الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلى. فالشعر الذي ينسب إلى إمرئ القيس أو إلى الأعشى أو إلى غيرهما من الشعراء الجاهليين لا يمكن من الوجهة اللغوية والفنية أن يكون لهؤلاء الشعراء، ولا أن يكون قد قيل وأذيع قبل أن يظهر القرآن. لذلك لا ينبغي أن يُستشهد بهذا الشعر على تفسير القرآن وتأويل الحديث. وإنما ينبغي أن يُستشهد بالقرآن والحديث على تفسير هذا الشعر وتأويله. فحياة العرب الجاهليين ظاهرة في شعر الفرزدق وجرير وذى الرمة والأخطل والراعى أكثر من ظهورها في هذا الشعر الذي ينسب إلى طرفة وعنترة وبشر بن أبى خازم."
.
إدعاء كبير جدا , محتاج أدلة و ده اللي بيعمله الدكتور حسين بالتفصيل في كتابه في فصول مثل :
1- الشعر الجاهلي و اللغة
2- الشعر الجاهلي و السياسة
3- الشعر الجاهلي و الدين و الرواة
,,
سفر عن الشعراء الجاهلين مثل : عمرو بن كلثوم و أمرؤ القيس وإلخ ..
.
إجتهاد عظيم جدا و فكرة ثورية ممكن تترك اثر عظيم و هو ما حدث بالفعل ..
و تاني بأكد إن مش مهم بشكل كبير المحتوى نفسه و ما يدعو إليه سواء كان صحيح أو خاطئ : و لكن منهجية التفكير و فلسفة ديكارت الشكية هي الإستفادة الاولى من الكتاب ♥
. -
هذا الكتاب صنع ضجة غير عادية فى مصر و اتهموا طه حسين بالكفر و الزندقة
انا واثق ان اللى قال كدا ماقرأش الكتاب
كل الكتاب دا عبارة عن بحث فى الادب العربى و كل هدفه كان استخدام القرآن الكريم للاستدلال على طبيعة الحياة فى الجاهلية بدلا من اتخاذ الشعر الجاهلى وسيلة لذلك
و ان غالبية الشعر الجاهلى لم تكن من شعراء الجاهلية
بس
ادى كل كل الكتاب
و اكيد طبعا لم يخلو من براعة طه حسين الادبية و لا اسلوبه الرشيق المميز -
كان يجب أن أقرأ الكتاب قبل رواية 1984 لجورج أورويل لأتاكد أن تعديل التاريخ بأثر رجعي أمر حادث حكما حتى في تاريخنا المشرق الناصع.
نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا. فكيف بأمر الغابرين نصدق -
هذا الشك لا ضرر منه ولا بأس به ،
لا لان الشك مصدر اليقين لا غير ...
بل انه آن للادب العربي وعلومه أن تقوم على اساس متين....
.
.
.
. -
To be reviewed
------------------------
The review
-------------------
لكل عالم هفوة
يمكنك أن تعتبر هذا الكتاب بالاضافة إلى كتابيِّ (مستقبل الثقافة فى مصر، قادة الفكر)من هفوات طه حسين التى كتبها بعد عودته من فرنسا والتى بدى بعدها منبهراً بالغرب وبفكره ٠٠ثائراً على كل ما هو شرقي.
يقول الدكتور محمد عمارة عن هذا الكتاب
"ففى هذا الكتاب عبر طه حسين عن قمة الانبهار بالغرب، والتماهى مع مناهجه، والمناهج المتطرفة على وجه الخصوص"
لا أنكر فى بداية قراءة هذا الكتاب إعجابي بفكر التغيير الذى كان يطرحه طه حسين ولكن بعد أن أنهيت قراءته لم أستثغ هذا التغيير الذى كان على حساب الدين وعلى حساب لغة ذلك الدين ، فقد بدا طه حسين وكأنه يسير على خطى المستشرقين ومنوالهم ، ولم يبد أى أعتراض أو رفض على بعض أرائهم ، حتى أفتى البعض بكفر وإلحاد طه حسين.
أعلن طه حسين فى بداية بحثه هذا تبنيه منهج الشك الديكارتى وتجرده من عواطفه وقوميته وحتى دينه، وأعلن أن الشعر الجاهلى منحول وموضوع وبنى استنتاجاته على خيالات وافتراضات توافق نظرياته وأعلن شكه فى ما يخالف نظريته بينما أخذ كل ما يوافق إدعاءاته على أنه الحق ولم يعمل عليها منهج الشك، وليته توقف عند هذا الحد، فقد ذهب بتطبيق هذا الشك على عقائد إسلامية وردت بها آيات فى القرآن الكريم ، بل وصل إلى حد الجحود والإنكار بصلة الإسلام بدين إبراهيم ، وتهكم�� على نسب النبى -صلى الله عليه وسلم -٠
وبعد كل ما أورده فى كتابة قامت الدنيا ولم تقعد وصدرت عشرات الكتب لنقض ذلك الكتاب والرد على هذه الافتراءات التى أوردها طه حسين دون أى دليل مادى أو حتى نص تاريخى يثبت ما قاله ، لدرجة أن طه حسين كاد أن يوشك على الانتحار بعد هذه الهجمة عليه-ذكرت ذلك زوجته فى مذكراتها (معك)-فقد كان طبيعيا لهذه الأمة المؤمنة أن تنتفض للدفاع عن دينها وقرآنها ومقدساتها أمام استفزاز طه حسين.
ولكن الشك حتما يؤدى إلى اليقين ، وإن اليقين أولى درجات الشك فقد عدل طه حسين عن ما كتبه فى كتابه مرآة الإسلام ، بل وكتب روائعه (الوعد الحق-على هامش السيرة بجزئيه-الشيخان).
كل شخص يخطئ ولا يوجد أحد معصوم من الخطأ فنحن بشر ولسنا ملائكة والعبرة بالخواتيم.
-
ينتاول هذا الكتاب نقدا جريئا للشعر الجاهلي و انتهى إلى أن معظم إن لم يكن كل الشعر الذي نعرفه على انه جاهلي -أي قبل الإسلام- انما هو شعر منحول و مختلق في العصور الإسلامية، و قد أورد الكاتب حججه على ذلك، و منهجه النقدي يعتبر مؤسسا لمنهج نقدي علمي للتراث الأدبي كما يقول شوقي ضيف
لكن الكتاب نفسه كتب في أوائل القرن العشرين، فهل أكدت الجهود الاكاديمية المتقدمة في مجال الأدب العربي نظرية طه حسين أم نفتها ؟ هذا ما لا أعرفه و أحتاج التيقن منه
أسلوب الكتاب جميل و موضوع الكتاب شيق و حجج الكاتب مثيرة للعقل -
أي زلزال هذا يا طه حسين!